“لو تصفحنا سير الناجحين من حولنا لوجدنا أن كل واحد منهم لديه قصة حبلى بالمعاناة رافقت بدايته وساهمت بصنع النجاح الذي يعيش فيه”، وفي سيرتهم أيضاً نجد أنهم كافحوا من أجل تحويل إخفاقاتهم وفشلهم إلى وقود ودافع نحو التقدم والنجاح بالمثابرة والإجتهاد.
وبالإجتهاد والمثابرة حوّل النجم سفيان رحيمي نفسه من لاعب غير مرغوب فيه، بعدما طلبت منه إدارة فريقه الرجاء الرياضي البحث عن فريق آخر، إلى نجم ساطع في سماء الكرة المغربية والعربية والإفريقية، يسيل لعاب أكبر الأندية العربية والأوروبية.
رأى النجم سفيان رحيمي النور في سنة 1996 في مدينة الدارالبيضاء، تحديدا في حي “درب السلطان” معقل الرجاء الرياضي، في بيت يُطل على معقل النسور “الوازيس” ليفتح أعينه للمرة الأولى على مُحيط أخضر بين ألوان الرجاء الرياضي.
ولادة سفيان أبدا لم تكن بالعادية بالنسبة لوالده، فهو في نظره لقب آخر داخل خزائن فريقه، طال انتظاره، كما لم يكن حب والده للرجاء عادياً، فالوالد محمد رحيمي الملقب ب “يوعري” يهيم بحب النادي، وهو حامل أمتعته، بل وهمومه وقضاياه.
إلتقط سفيان فيروس حب الرجاء الرياضي من والده الذي يعشق كل ما هو أخضر، فصار على نفس النهج وسلك نفس الطريق، -فمن شابه أباه فما ظلم-، كيف لا وهو الذي ترعرع بين أسوار النادي ووسط ثُلة من نجومها، فكانت اللون الأخضر أمامه ووراءه، يمينه وشماله، حتى تلونت به حياته.
لكن بالرغم من هذا كله، فمسار سفيان رحيمي لم يكن مفروشا بالورود كما يُخيل للكثيرين، وطريق إرتدائه للقميص الأول للنادي لم يكن مُعبدا أبدا، واجهته صعوبات كثيرة، إلا أن إيمانه بقدراته، وقدرته على التحمل والصبر كانا عاملين في تجاوز كل التحديات.
إلتحق سفيان بجميع الفئات السنية لفريق الرجاء الرياضي، من الفئات الصغرى إلى البراعم ثم الفتيان، إلا أنه فشل في هذه الأخيرة أن يوفق بين دراسته وهوايته، قبل أن يتعرض لإصابة أجبرته على الجلوس لمدة ثلاثة أشهر.
عاد من الإصابة ونجح في الإختبار ليصعد لفريق الأمل، إلا أنه لم ينل فرصته الكاملة حيث لعب مباراة واحدة فقط طيلة الموسم، قبل أن يُصدم في معسكر إفران بإخباره من طرف الإدارة بالبحث على فريق آخر ما جعله يدخل في أزمة نفسية.
وفي آخر يوم من فترة الإنتقالات تِلك، لم يجد سوى فريق نجم الشباب الممارس في قسم الهواة، لعب معهم الموسم الأول دون إقناع، لكنه كشر عن أنيابه في الموسم الثاني ليقنع فتحي جمال بآدائه معيدا إياه لفريقه الأم نادي الرجاء، ليبدأ صفحة الإبداع والإمتاع والإقناع.
إستطاع أن يفرض ذاته ويقتنص مكانته ضمن الفريق الاول، وقدم مستويات عالية في المستطيل الاخضر منصبا نفسه نجما صاعدا في سماء “دونور”، ويقود فريقه للعودة إلى سكة الألقاب والإنتصارات محليا وقاريا.
رحيمي تحول من لاعب غير مرغوب فيه إلى نجم ساطع، قاد فريقه للفوز بلقب البطولة في الموسم الماضي، متوجا بجائزة أفضل لاعب في البطولة، وهاهو اليوم حصد على جائزة أفضل ولاعب وهداف في بطولة كأس الأمم الإفريقية للاعبين المحليين قائدا بذالك المنتخب الوطني المغربي للحفاظ على لقبه.