مفهوم التدريب والإقامة في المرتفعات والذي يعتبر منذ الإنجازات الباهرة في مكسيكو 1968 بمثابة الاكتشاف المذهل الذي مكن الرياضيين من إنجاء أداء وأرقام غير مسبوقة . ولان هناك بعض اللبس حول ماهية التدريب في المرتفعات رأينا من المفيد تسليط الضوء عليه بشكل علمي مفهوم ليسفيد اللاعب والمدرب من أجل خوض تجربة المرتفعات بأقصى درجات النجاح .
على ما يعتقد الكثيرون فان التدريب في المرتفعات لا يأتي باي منافع ، هذا ما أكده ثلة من الباحثين في “جامعة لوزان” بسويسرا بعد دراسة حولل مجموعة من لاعبي الدراجات . وهذه الدراسة التي قام بها قسم فسيولوجيا الجهد البدني بالجامعة المذكورة تمحورت حول مراقبة التدريب في ظروف الهاييوكسيا (ندرة الأكسجين ) لعدد 14 من رياضيي الدراجات ذوي المستويات العليا تتراوح أعمارهم بين 18 و 40 سنة . وكانت نتائجج الدراسة قد أظهرت ان مثل هذا التدريب في ظروف الهاييوكسيا ليس له تأثير إيجابي على مردود وأداء اللاعبين مثلما هو شائع في الأوساط الرياضيةة بعد الاستنتاج العشوائي الذي راج على إثر الالعاب الاولمبية – مكسيكو 1968 ، بل على العكس من شأنه ان بؤثر سلبا على استقلاب الجلوكوز وهما كما هو معروف العنصر الطاقي الأهم الذي تحتاجه العضلة .
ومن ذلك الوقت أكدت دراسات عديدة ان الإقامة وليس التدريب في المرتفعات هي التي تنتج فائدة ملحوظة في التركيبة الدموية ويجب بعد ذلكك القيام بالتدريب في مستوى سطح البحر .
كما ان هناك دراسة نشرت في مجلة الفسيولوجيا التجريبية ( physiology experimentl ) اثبتت ان التمرين البدني في المرتفعات ربما يشكل خطراا على مرضى السكري والبدناء .
وتذكر عديد الدراسات انه بعد الإقامة في المرتفعات تتحسن أوقات سباق الماراثون بحوالي 5% وهذا أمر ذو دلالة كبيرة ويختلف هذا الامر من شخصص الى اخر حيث تختلف الاستجابة الفيسيولوجية من شخص الى اخر خاصة لدى ذوي المستويات العالية عندما يكون التدريب لديهم مكثف جدا .
تأثير المرتفعات
في المرتفعات ، ينخفض الضغط الجوي ، ولكن نسبة الأكسجين تظل دون تغيير عند حوالي 21% . وبالتالي ، ففي كل حركة تنفسية ، تقل كمية هذا الغاز الثمين الحويصلات الرئوية . ففي مستوى سطح البحر يكون الضغط الهوائي بمعدل 760 مم ( mmhg ) و بحدود 236 مم زئبق في قمة جبلل الافرست (8844م) ومعلوم ان تركيز الغاز ليس هو المهم عندما نتنفس ولكن مستوى الضغط التي يصل به الى الحويصلات التنفسية وانخفاض الضغط يؤتر كذلك على القلب والكبد والكلي والتنفس . انه ونتحدث عندئذ عن “نقص في الأكسجين أو الهابوكسيا” فكريات الدم الحمراء التي تدور في الأوعية الصغيرة التي تبطن هذه الحويصلات المجهرية ، حيث لن تعود قادرة على تلقي ما يكفي من الأكسجين . ويكون الدم قليل الاكسجنة . وعند مرور الدم عبر الكلي ، يقوم هذا العضو بسد النقص الحاصل بافراز مادة الاريتروبوئتين (epo) . ومن المعروف ان مادة الاريتروبوئتين مادة منشطة جدا عندما يتم استخدامها بشكل اصطناعي . وهي هرمون ، ووسيط بيولوجي لها تأثير محفز للنخاع العظمي حيث تتكاثر خلايا الدم .
وبعد بضعة ايام ، تتضاعف الكريات الحمراء . وتأتي هذه الكريات باعداد أكبر في الرئتين لالتقاط الأوكسجين المتوفر بكمية قليلة في المرتفعات . عندئذذ يزيد تركيز الأكسجين في الدم ويكون الوضع اكثر توازنا . وعند العودة الى مستوى سطح البحر ، تعود كمية الأكسجين التي تم استنشاقه الى وضعها الطبيعي في حين تظل كمية الكريات الحمراء مرتفعة ، بنسبة تتراوح بين 3 و 10 % حسب الدراسات . وبالتالي يتم نقل كميات هائلة من الأكسجينن نحو العضلات وبالتالي توفر كميات اكبر من الطاقة ( على شكل جزئيات atp) مما يؤثر ايجابا على الأداء . غير انه من المهم ان نتذكر ان تأثير مادة epoo يتحقق بدوره بفضل تدريب منتظم وآثاره لا تتعدى المعايير الفيسيولوجية المتطابقة مع صحة اللاعب ، المبدأ واضح وبسيط ولكن نظم إقامة فاعلة في المرتفعات تخضع لعدة شروط سوف نأتي عليها تباعا .
لأي فترة من الزمن ؟ وعلى اي ارتفاع ؟ للحصول على على تضاعف نسبة كريات الدم الحمراء يجب ان تكون كمية الأكسجين منخفضة بشكل كبير ، حيث ان اعلى ارتفاع 2500 م نلاحظ زيادة ملحوظة في مادة épo . ففي الأسبوع الاول ترتفع نبضات القلب وخاصة معدل التنفس لتوفير كميات اكبرر من الأكسجين الى خلايا الجسم ونتحدث عندها عن “مرحلة التكيف” . خلال هذه المرحلة يتم تحفيز النخاع العظمي وتكون كريات الدم الصغيرةة تتضاعف وتصبح ناضجة ، وخلال 10 الى 15 يوم تلتحق الكريات المكتملة الدورة الدموية ثم يستقر عددها بشكل تدريجي . انها“مرحلة التأقلم” يجبب ان نلاحظ ان ذلك ليس التعديل الفيسيولوجي الوحيد ، حيث ان الهيموغلوبين والتي هي بروتين الكريات الحمراء الناقلة للأكسجين تستفيد كذلكك بتموين بشكل افضل عند مرورها في الكثل العضلية . لذلك تعتمد على جزيء صغير اسمه الفوسفوغليسرات الذي يكيف شكلها . كما ان الأوعية والشعيرات الصغيرة التي تمر في العضلات تصبح باعداد أكبر ، وتصبح الميتوكوندريا اكثر كثافة وكل هذه العوامل تسهم في استغلال افضل للأكسجين . بشكل عملي تكون الإقامة المثالية بين أسبوعين الى اربع أسابيع وعلى ارتفاع بحوالي 2500م . اذا زاد الارتفاع عن ذلك تؤثر الهايلوكسيا نظامم حياة اللاعب وظروف الاسترداد .
التدريب في المرتفعات
النظام الذي اثبت نجاعته يسمى نظام العيش في الأعلى والتدرب في الأسفل ” حيث لاحظ أخصائيو الفيسيولوجيا ان الهايبوكسيا تخفض كثيرا من سرعة الجري عندما يكون التدريب في المرتفعات وبالتالي فان مردود القوة يتاثر سلبا . وعلبه يجب الإقامة في المرتفعات والنزول الى أسفل للتدريب . بالاضافة الى ذلك يجب مراقبة مخزون الحديد الضروري لإنتاج الهيموغلوبين والذي بدوره يثبت الأكسجين ، قبل ثلاثة أشهر من بداية التدريب في المرتفعات . وفي حال نقص في الحديد يجب اتباع نظام عدائي غني باللحوم الحمراء والكبد البقري لتعويض النقص . وخلال الأسبوع الذي يسبق برنامج التدريب يجب القيام بحصص استرداد إيجابي على سكل هرولة حيث لاحظ عديد العلماء ان المستجيب السيء للإقامة في المرتفعات هو اللاعب المتعب والذي يعاني من اجهاد . كذلك يكون نظام التدريب خلال معسكر المرتفعات بنفس أهمية مفهوم الهايبوكسيا . خلال الأسبوع الاول يجب البدء بحصص تدريبية من نوع من نوع اعادة التهيئة وبشدة ضعيفة الى متوسطة ، خلال الأسبوع الثاني يمكن البدء بسرعات المنافسة لمسافات تعادل 10 كلم الى نصف الماراثون وخلال الأسبوع الأخير يجب إنجاز حصصا من التدريب الفتري قريبة من العتبة اللاهوائية .
العناية بالصحة العامة خلال معسكر المرتفعات
خلال معسكر المرتفعات يكون لنظام التغذية أهمية قصوى حيث ان “الهايبوكسيا” تؤثر سلبا في شهية اللاعب وتؤدي بالتالي في فقدان نسبة ملحوظة من الكتلة العضلية . حيث تؤثر في تنشيط إفراز الكورتزول وهو هرمون الضغوط من مهامه توفير الطاقة من خلال “حرق العضلات . ومن اجل وقف هذا الامر يجب تناول غذاء غني بالبروتينات ( لحوم – اسماك – بيض – السوجا ….) ويجب ان تكون مواد الألبان ومشتقاتها متوفرة بكثرة خلالل كل وجبة بالاضافة الى القيام بتدريب خفيف بالاثقال داخل القاعة بالتوازي مع النظام الغني بالبروتينات .
كما بجب الانتباه الى انه عندما يكون الهواء اقل كثافة فهو ايضا يفتقر الى تبخر الماء وبالتالي يفقد اللاعب كميات كبيرة من الماء وعليه يجب شربب الماء بانتظام واستمرار لتفادي مضاعفات قد تكون خطيرة منها التهابات حادة للحنجرة والأنف بسبب جفاف الجهاز التنفسي وكذلك المردود العضلي السلبي بسبب نقص الأملاح المعدنية . كما يجب ان يتغطى المقطم بالمرتفعات خاصة بعد الحصص التدريبية وخلال الليل مع تكثيف العناية الصحية من خلال التدليك والاسترخاء والجاكوزي .
متى يجب برمجة المنافسات ؟
عند الانتهاء من معسكر رياضي بالمرتفعات حيث تم التكيف في مناخ هايبوكسيا يجب القيام بالاستيراد وكذلك التعويض الزائد . هناك عدة دراسات تشير الى تحسين ملحوظ في الأداء في مستوى سطح البحر وبشكل عملي يزول التعب وتستمر الفوائد الفيسيولوجية ما بين 15 الى 20 يوم بعدد انتهاء معسكر الإقامة في المرتفعات . عندئذ يجب برمجة المنافسة وكذلك من الممكن البدء في برنامج تدريبي مكثف من اجل استقرار التكيفف العضلي : الكثافة في الأوعية وفي الميتوكوندريا .
كما انه من المعروف ان تزول كريات الدم الحمراء التي تم اكتسابها في المرتفعات بعد 4 أشهر غير انه يجب ان نعلم ان التدريب بشدة قريبة منن العتبة اللاهوائية عبارة عن تكيف مصغر للهايبوكسيا وهو ما يفسر فوائد الإقامة في المرتفعات والتدرب في الأسفل حيث ان “الإقامة في المرتفع” تحدث حالة الهايبوكسيا عند الراحة و “التدرب في الأسفل” يكفي للهايبوكسيا .
التكيف : مرحلة حاسمة
هناك بعض الأعراض التي تصحب الإقامة في المرتفعات والتي تتراوح بين صداع بسيط الى إصابات رئوية حادة(بصاق وردي اللون) وهذه الأعراض عادة ما تكون نتيجة عدم قدرة الجسم على التكيف مع البيئة الجبلية المرتفعة وكذلك بسبب البرد الشديد والريح الشديدة . كما ان هناك بعضض المضاعفات النفسية والسيكولوجية التي يزيد من حدتها الضغوط والخوف . هناك كذلك مضاعفات يمكن ان تتطور الى وذمة دماغية ( تجمع السوائل في الدماغ ) والتي من أعراضها التقيؤ والهذيان والأرق وحثى الى غيبوبة التي يمكن للإنسان غير المتكيف ان يستخدم اكثر من 15% من خلاياهه العصبية .
وحسب بعض الدراسات فان الانسان الذي يمكث عدة أسابيع في مثل هذه المرتفعات (5000- 7000م) يحتاج الى سنة كاملة لاستعادة قدراتهه الذهنية . وقد حدث بالفعل لعديد متسلقي الجبال في فمن “الافريست” على ارتفاع (8600م) ، فقدان الوعي بالزمان والمكان والإدراك والموت فيي نهاية المطاف . بالتالي يجب ان تكون مرحلة التكيف مرحلة تأقلم تدريجي نعرف خلالها كيف نقوم بالاسترداد والراحة والتوقف وان نكون يقظينن بالأعراض المؤلمة ومعالجتها والنزول الى مستوى سطح البحر لتفادي المضاعفات مع ضرورة الاكل والشرب بشكل جيد والتخلص من الضغوط النفسية .
الجدير بالملاحظة ان التكيفات الدموية : ارتفاع نسبة الهيماتوكريت وكريات الدم الحمراء والهيموغلوبين ، هي بمثابة المنشطات الطبيعية التي يبحثث عنها العداؤون في سباقات التحمل . ويكون الجسم محفز في المرتفعات الجبلية بشكل مغاير مما يستوجب أخذ بعض تدابير الحيطة . فالهيموغلربين هي جزىء يتكون من الحديد وبما ان الحسم يصنع بعضها فقط ، فمن الضروري تناول المكملات من خلال تموين إضافي في التغذية ، كما يجب تعويض الحاجيات من الأحماض الامينية ( البروتين ) والسكريات والفيتامين ( ج و إي ) حيث تكون حاجيات الجسم من هذه العناصر اكبر بكثير مقارنةة بالحاجيات في مستوى سطح البحر . كما ان الشمس في المرتفعات تكون اكثر كثافة ومن الضروري الحماية منها وشرب السوائل بشكل اكبر . لاا يمكن الحديث عن التدريب في المرتفعات او عن اثار الهايبوكسيا ( نقص الأكسجين ) تحث ارتفاع 2000م مع الأخذ في الاعتبار الملاحظات التالية :
– تدل محاولات التدريب في حالة الهايبوكسيا ان معسكر اقل من 15 يوم لا يأتي بالفوائد المرجوة وفي حال تجاوزت المدة 21 يوم فان البروتيناتت تستنفذ في العضلات وتحدث اختلالات هيكلية .
– تحدث بعد الإقامة في المرتفعات فترة 12 يوم كمرحلة غير مستقرة في اللياقة البدنية .
– تمتد الاثار الإيجابية للمرتفعات على مدى شهرين وتعود كريات الدم الحمراء الى نسبتها الطبيعية بعد حوالي 120 يوم (4أشهر ) .
– يستفاد من الإقامة والتدريب في المرتفعات بقدر المستوى العالي للاعب بمعنى قدراته البدنية والوظيفية العالية مثل لاعبي النخبة في المسافاتت المتوسطة .
– ليس من الضروري قضاء 24/24 في المرتفعات الجبلية ، بل يكفي قضاء الليالي في المرتفعات ثم النزول الى مستوى سطح البحر . وحسب عديدد الدراسات يتضح التالي :
• التدريب في مرتفع يزيد قليلا عن 1200 م وقضاء الليالي على ارتفاع يتراوح بين 3000م و 4000 متر وحثى في غرفة مضغوطة لمحاكاة بينةة المرتفعات .
• من اجل الإعداد الى اليوم المستهدف ( بطولة هامة ) يكون العد العكسي بعد 32 يوم ( 20 يوم تدريب و12 يوم كمرحلة عدم استقرار) كحد أدنى وعلى ارتفاع لا يقل عن 3000 متر ، غير انه يجب ان نجعل الأمور نسبية بمعنى انه قبل مسابقة هامة من الأفضل العمل على التكيف لفترة قصيرةة مما يعد الجسم ولكن لا يصنع كريات دم حمراء .
• يجب ان نفرق بين التدريب والإقامة في المرتفعات ، حيث ان التدريب في مرتفعات تقل عن 1000 م لا يرجى جدوى كبيرة وان كانت المرتفعات تزيدد عن 2000 متر فيمكن ان يكون ذلك ضارا باللاعب . الحل المثالي هو الإقامة في مرتفعات تزيد عن 3000 متر والتدريب في مرتفعات ما بين 1200 متر و2000 متر لرفع مستوى الاستفادة من التدريب .
• فترة التكيف في المرتفعات التي تتراوح بين 5 و 9 ايام ضرورية للتأقلم مع بينة المرتفعات الجبلية .
• الفترة المثالية للمعسكر هي 3 أسابيع للاعب ذو المستوى المتوسط .
• يجب تجنب شدة الجهد التي تكون أعلى من 80% من الاستهلاك الأقصى للأكسجين التي تتجاوز 3 دقائق . يجب ان نعلم أخيرا ان الاستفادة منن المرتفعات عمل شاق وطويل ومخصص للنخبة