المتتبع هذه الأيام لأخبار كرة القدم يكاد يصاب بالتخمة من أخبار المشاكل و الصدامات المفتعلة بين المدير التقني أوشن روبرتس و مجموعة من الأطراف في امتداد للصراعات الأزلية المرتبطة بالإدارة التقنية الوطنية.
المثير في الموضوع أن صياغة الأخبار المرتبطة بالمدير التقني تذهب في اتجاه واحد فقط يحاول تصويره للرأي بمثابة الجاهل بكرة القدم الوطنية و رموزها و المهمل للأطر الوطنية مقابل تعيين مدربين أجانب تنقصهم الكفاءة و المعرفة بالخصوصية المغربية.
المشاكل المرتبطة بالإدارة التقنية و طرق تدبيرها لن تتوقف عند الويلزي روبرتس و لا من سيأتي بعده ببساطة لأن الأمر يتجاوز كرة القدم إلى مصالح فئات تقتات من الأموال السائبة التي تضخ في خزينة الجامعة و الأندية الرياضية والجمعيات والعصب الجهوية.
بقليل من البحث و التحري يمكن كشف الأسماء التي تقف خلف الحملة التي تستهدف المدير التقني الجديد كما استهدفت سلفه ناصر لارغيت ومحركها في ذلك مصالحها الخاصة و نصيب من كعكة التعيينات و المناصب و غيرها من المكاسب المادية.
لو افترضنا جدلا أن روبرتس تنقصه الكفاءة و التجربة لتولي منصبه الحالي فهل باقي المدربين المعينين طوال السنوات الماضية لتدريب المنتخبات الوطنية يتوفرون على أدنى الشروط المطلوبة عدا أنهم لاعبين سابقين في حين أن أقوى معيار في سيرهم الذاتية هو جدتهم المتواجدة في العرس التي تحرك خيوط اللعبة جنوب العاصمة الرباط.
كيف بلاعب لا يملك سجلا مثاليا في الملاعب أن يصبح فجأة مدربا و مربيا دون مقدمات و لا مؤهلات لا علمية ولا أخلاقية بل و يضمن له مكانا قارا و يصمد أمام رياح التغيير التي تعصف بالجميع إلا المحصنين بتلابيب الجدة إياها.
محاربة الأطر المغربية هي التهمة التي وجدها مناهضو أوشن لشن الحرب عليه في حين أن مدربين أكفاء لا يرضون الاستجداء تراجعوا إلى الخلف و منهم من فضل تغيير الأجواء في أرض الله الواسعة و منهم من عاد من أرض العجم برغبة خدمة البلد فعاد بخيبة أمل كبيرة من هول الدسائس و المؤامرات وووو.
من العيب أن تجد مدربا يتخذ موقفه من الإدارة التقنية بناء على نصيبه من كعكة التعيينات فلو طاله منها منصب يرضي جيبه قبل عقله لرضي و لو وجد نفسه على الهامش لخرج مشهرا سيفه البتار في وجه مخربي كرة القدم الوطنية.
منطق الابتزاز يحكم تحركات البعض سواء كان المدير التقني الجديد محقا في مختلف الإجراءات التي اتخذها أو مخطئا فالمصلحة العامة غير واردة مطلقا في أجندتهم.
من المخجل أن ترى أسماء مثل الزاكي و الطاوسي و فتحي جمال تتخلى عن وقارها و رأسمالها الرمزي في عيون الجماهير راضية أن تكون مجرد بيادق في لعبة شطرنج.
أحد هؤلاء الثلاثة أصبح مقيما عاما في كرة القدم الوطنية يغير المناصب كما يغير ملابسه لكن الثابت هو المنصب الدائم وهو خبير عالمي وداهية في خطط اللعب التي تضمن له التواجد حيثما كانت “الهمزة”.
سيرحل روبرتس كما رحل من سبقوه و سيأتي آخرون لكن على من يشنون عليه اليوم حملة رخيصة أن يتمهلوا قليلا و يطرحوا سؤالا واحدا: كيف كان حال كرة القدم الوطنية قبل مجيئ المدير التقني؟
ناصر لارغيت عاش الوضع ذاته و عانى من التدخلات في اختصاصه و فرض أسماء محددة في مناصب معينة و رحل بحثا عن هواء احترافي منعش في مارسيليا فعمله في بيئة غابوية جميلة ضواحي سلا لم يمنع عنه دخان المؤامرات المنبعثة معمل سري متخصص في صنع المدربين و توزيع المناصب.
المقالات ذات الصلة
اترك تعليقاً